Wednesday, June 1, 2011

تلخيص كتاب خديعة التطور part2



معجزات الخلية:


(يَا أَيُّهَا النَّاسُ ضُرِبَ مَثَلٌ فَاسْتَمِعُوا لَهُ إِنَّ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِن دُونِ اللَّهِ لَن يَخْلُقُوا ذُبَابًا وَلَوِ اجْتَمَعُوا لَهُ وَإِن يَسْلُبْهُمُ الذُّبَابُ شَيْئًا لَّا يَسْتَنقِذُوهُ مِنْهُ ضَعُفَ الطَّالِبُ وَالْمَطْلُوبُ {73})






توجد ثلاثة شروط لتكوين بروتين مفيد:


الشرط الأول: أن تكون جميع الأحماض الأمينية في سلسلة البروتين من النوع الصحيح وبالتتابع الصحيح.


الشرط الثاني: أن تكون جميع الأحماض الأمينية في السلسلة عسراء.


الشرط الثالث: أن تكون جميع هذه الأحماض الأمينية متحدة فيما بينها من خلال تكوين ترابط كيميائي يسمى "ترابط الببتايد".


ولكي يتم تكوين البروتين بمحض الصدفة، يجب أن تتواجد هذه الشروط الثلاثة الأساسية في وقت واحد.. والاحتمالية لتكوين بروتين بمحض الصدفة تساوي حاصل ضرب الاحتماليات المتصلة بتحقيق كل واحد من هذه الشروط.


فعلى سبيل المثال، بالنسبة لجزيء متوسط يحوي 500 حمض أميني:


(1) احتمالية أن تكون الأحماض الأمينية موجودة بالتتابع الصحيح:


يوجد عشرون نوعاً من أنواع الأحماض الأمينية تُستخدَم في تركيب البروتينات، وبناء على ذلك فإن: احتمالية أن يتم اختيار كل حمض أميني بالشكل الصحيح ضمن العشرين نوعاً هذه = واحداً من 20.


واحتمالية أن يتم اختيار كل الأحماض الخمسمئة بالشكل الصحيح = (ا/20) أس 500 = 1/(10 أس 650).


(2) احتمالية أن تكون الأحماض الأمينية عسراء:


احتمالية أن يكون الحمض الأميني الواحد أعسر = 2/1


احتمالية أن تكون جميع الأحماض الأمينية عسراء في نفس الوقت = (1/2) أس 500 = 1/(10 أس 150).


(3) احتمالية اتحاد الأحماض الأمينية بترابط الببتايد:


تستطيع الأحماض الأمينية أن تتحد معاً بأنواع مختلفة من الترابطات الكيميائية.. ولكي يتكون بروتين مفيد، فلا بد أن تكون كل الأحماض الأمينية في السلسلة قد اتحدت بترابط كيميائي خاص يسمى "ترابط الببتايد".. ويتضح من حساب الاحتماليات أن احتمالية اتحاد الأحماض الأمينية بترابط كيميائي آخر غير الترابط الببتيدي هي خمسون بالمئة.. وفيما يتعلق بذلك:


احتمالية اتحاد حمضين أمينيين بترابطات ببتايدية = 1/2.


احتمالية اتحاد جميع الأحماض الأمينية بترابطات ببتيدية = (1/2) أس 499 = 1/(10 أس 150).


وهكذا تكون المحصلة النهائية للاحتمال = 1/(10 أس 650) × 1/(10 أس 150) × 1/(10 أس 150) = 1/(10 أس 950).


((لاحظ أنّ 10 أس 950 تعني الرقم مليار مضروبا في نفسه 105 مرة.. وهو رقم مذهل.. ولو استخدمنا مليارات المليارات من الكمبيوترات بسرعات مذهلة لمحاكاة هذه الاحتمالات، فلن يكفيها عمر الكون كلّه لإنتاج بروتين واحد بالصدفة! _الفضاء الرحيب))






قام، روبرت شابيرو، أستاذ الكيمياء بجامعة نيويورك وأحد الخبراء في مجال الحمض النووي، بحساب احتمال التكوين العرَضي لألفَي نوع من أنواع البروتينات الموجودة في بكتيريا واحدة (يوجد مئتا ألف نوع مختلف من البروتينات في الخلية البشرية!)، فجاءت نتيجة الحساب كالآتي: (1 من 10 أس 40000).. وهذا رقم هائل لا يمكن تخيله ويتم الحصول عليه بوضع أربعين ألف صفر بعد الرقم 1)[5]


وقد أدلى تشاندرا ويكراماسنغي، أستاذ الرياضيات التطبيقية والفلك بالكلية الجامعية في كارديف، ويلز، بالتعقيب الآتي:


"تتجسد احتمالية التكوين العفوي للحياة من مادة غير حية، من احتمال واحد ضمن احتمالات عدد مكون من الرقم 1 وبعده 40000 صفر... وهو رقم كبير بما يكفي لدفن دارون ونظرية التطور بأكملها!.. وإذا لم تكن بدايات الحياة عشوائية فلا بد أنها قد نتجت عن عقل هادف"[6].


((ملحوظة: لكي تفهم روعة هذه الأرقام: هناك احتمال واحد فقط صحيح يؤدي لبناء الخلية عبر 10 أس 40 ألف محاولة.. تعال نفترض فرضا جدلا أن حدوث كلّ محاولة من محاولات بناء الخليّة قد تستغرق ثانية واحدة فقط (هذا فرض عبثي حينما نعلم أننا ننتظر صدفا عشوائية تحاول تكوين خلية، حتّى لو كانت محاولات فاشلة.. لكننا سنقبل هذا الفرض هنا جدلا).. إذن فأقصى زمن نحتاجه لتجربة كلّ الاحتمالات هو (10 أس 40 ألف) ثانية.. هل تعرف كم يساوي هذا الزمن؟.. السنة الواحدة تحتوي على 31536000 ثانية.. سنقرّب هذا الرقم لأعلى أس عشري لينتج ( 10 أس 9).. إذن سنقسم (10 أس 40 ألف) على ( 10 أس 9) لنعرف عدد السنوات اللازمة.. أنت تعرف أن قسمة الأساسات طرح للأسس.. في الواقع فإن طرح 9 من 40 ألف لا معنى له!.. هذا يعني أننا قد ننتظر حوالي مليار مليار مليار مليار...... (سنكرّر كلمة مليار 4 آلاف مرّة متتالية) سنة لتظهر لنا خلية حية بالصدفة في ظروف الأرض البدائية!.. حاول أن تتخيل كم يجب أن يكون عمر الكون لتتطوّر هذه الخليّة إلى كائنات أرقى، عبر سلاسل لا تنتهي من عمليات التطوّر بالمصادفة المستحيلة!


حسنا.. هذا رقم كبير.. دعنا من احتمال تكوّن خلية، ولنعد لاحتمال تكوّن بروتين متوسط التعقيد من الأحماض الأمينية (وهو 10 أس 950).. سنحتاج لانتظار الصدفة السعيدة حوالي (10 أس 941) سنة، أي مليار مليار مليار..... (سنكرر كلمة مليار 104 مرّة) سنة!


بالمناسبة: حتّى لو افترضنا أنّ المحاولات تتمّ بسرعة تشبه الضوء (أي بمقدار 300 مليون محاولة في الثانية الواحدة).. فإنّ هذا لن يغيّر شيئا يذكر في الأرقام التي لدينا.. سيقلّ فقط عدد المليارات المضروبة في بعضها من السنوات بمقدار مليار واحد!


بل افترض أنّنا نستخدم جهاز كمبيوتر لمحاكاة هذه العمليّة، وأنّه يعمل بسرعة مليار جيجا هرتز (مليار مليار نبضة في الثانية) وهو ما لا نحلم بالوصول إليه حاليا، وأنّ كلّ نبضة تحسب احتمالا (مستحيل بالنسبة لعمل الكمبيوتر لكن سنفرضه).. فإنّ هذا أيضا لن يغيّر شيئا يذكر في الأرقام التي حصلنا عليها.. سيقلّ فقط عدد المليارات المضروبة في بعضها بمقدار مليارين اثنين!.. ما زلنا نتكلّم عن أزمان خارج حدود هذا الكون!


بل تخيّل حتّى أنّ مليار مليار كمبيوتر من هذا النوع قد اتحدت سويا وعملت على التوازي.. فهل سيقلل هذا من الزمن المنتظر شيئا يذكر؟؟


جدير بالذكر أنّ عمر مجموعتنا الشمسية يقدّر بحوالي 4.6 مليار سنة فقط.. ولو افترضنا أنّ هذا العمر الضئيل ـ بل المعدوم مقارنة بما نتكلم عنه من احتمالات ـ يكفي غريمتنا الصدفة لإنشاء خلية أولية، فإنّه لا يكفي على الإطلاق لظهور البدائيات والنباتات والحيوانات والإنسان!_ الفضاء الرحيب))


ويعلق عالم الرياضيات والفلك الإنكليزي السير فرد هويل ـ على الرغم من كونه أحد دعاة التطور ـ على هذه الأرقام بقوله:


"في الواقع يعد ظهور الحياة من قبل ذات عاقلة ومدركة من الوضوح بمكان، بحيث يعجب المرء لماذا لا يلقى قبولاً واسعاً بوصفها إحدى البديهيات.. من الواضح أن الأسباب نفسية أكثر منها علمية"[7].






ويقول السير فْرِد هويل في إحدى مقابلاته التي نُشرت في مجلة الطبيعة في تشرين الثاني (نوفمبر) سنة 1981:


"إنّ ظهور خليّة حيّة للوجود عن طريق الصدفة، يشبه ظهور طائرة بوينج 747 عن طريق الصدفة، نتيجة هبوب عاصفة على محلات لأدوات الخردة"!!!!!!! [8].






يقول داعي التطور الروسي، ألكساندر أوبارين، وهو أحد أبرز الثقات في نظرية التطور الجزيئي، في كتابه «أصل الحياة» الذي نُشر في عام 1936:


«لسوء الحظ، ما زال أصل الخلية سؤالاً يشكل -في الواقع- أكثر نقطة مظلمة في نظرية التطور بأكملها»[9]






يقول الأستاذ كلاوس دوز، رئيس معهد الكيمياء الحيوية بجامعة جوهانز جوتنبيرغ بالتالي:


«لقد أدت أكثر من ثلاثين سنة من إجراء التجارب عن أصل الحياة في مجالات التطور الكيميائي والجزيئي، إلى الوصول إلى إدراكٍ أفضل لضخامة مشكلة أصل الحياة على الأرض بدلاً من حلها.. وفي الوقت الحاليّ، فإن المناقشات الدائرة حول نظريات وتجارب أساسية في هذا المجال، إما أن تنتهي إلى طريق مسدود أو إلى اعتراف بالجهل»[10]






يقول الكيمائي الجيولوجي جيفري بادا (من معهد سان دييغو سكريبس):


«ونحن نترك القرن العشرين اليوم، نواجه أكبر مشكلة لم يتم حلها استمرت معنا منذ دخولنا القرن العشرين، ألا وهي: كيف بدأت الحياة على الأرض؟»[11]






يقول أستاذ البيولوجيا، مايكل دنتون، في كتابه «التطور: نظرية في أزمة»:


«كي نفهم حقيقة الحياة على النحو الذي كشفه علم البيولوجيا الجزيئية، يجب علينا أن نكبّر الخلية ألف مليون مرة حتى يبلغ قطرها 20 كيلومتراً وتشبه منطاداً عملاقاً، بحيث تستطيع أن تغطي مدينة مثل لندن أو نيويورك.. ما سنراه -عندئذ- هو جسمٌ يتّسمُ بالتعقيد والقدرة على التكيف بشكل غير مسبوق.. وسنرى على سطح الخلية ملايين الفتحات مثل الفتحات الجانبية لسفينة فضاء ضخمة، تنفتح وتنغلق لتسمح لمجرى متواصل من المواد أن ينساب دخولاً وخروجاً.. وإذا تسنى لنا دخول إحدى هذه الفتحات سنجد أنفسنا في عالم من التكنولوجيا المتميزة والتعقيد المحير.. تعقيد يتعدّى طاقتنا الإبداعية نفسها.. وهذه حقيقة مضادة لفرضية الصدفة ذاتها، وتتفوق بكل ما في الكلمة من معنى على أي شيء أنتجه عقل الإنسان».






يقول أحد كبار المدافعين عن نظرية التطور (وهو جورج وليامز) في مقال كتبه عام 1995:


"لقد فشل البيولوجيون من مؤيدي التطور في إدراك أنهم يعملون من خلال نطاقين يمكن القول إنهما غير متكافئين: أولها خاص بالمعلومات، والثاني خاص بالمادة.. ذلك أن الجين هو حزمة من المعلومات وليس شيئاً ما.. هذا الوصف النادر يجعل من المادة والمعلومات نطاقين مختلفين للوجود، ينبغي مناقشة كل منهما على حدة"[12]






يقول مدير المعهد الألماني الفدرالي للفيزياء والتكنولوجيا، البروفسور فيرنر غت، قائلاً:


"تدل كل التجارب على الحاجة إلى كائن مفكّر يستخدم إرادته الحرة وإدراكه وإبداعه طواعية.. وليس هناك قانون معروف للطبيعة أو عملية أو تسلسل معروف للأحداث، يمكن أن يؤدي إلى ظهور المعلومات تلقائيّاً في المادة"[13]






يقرّ ثورب، وهو أحد علماء التطور، بأن:


"أبسط نوع من أنواع الخلايا يشكل آلية أعقد بكثير من أية آلة صنعها الإنسان حتى الآن، أو حتى تخيل صنعها"[14].






ويقول العالم التركي التطوري على دوميصري:


"احتمال تكون بروتين واحد بالصدفة يُعَدّ احتمالاً غير مرجح، مثل احتمال قيام أحد القردة بكتابة تاريخ البشرية على آلة كاتبة دون أن يقع في أية أخطاء"[15]






ويقول هارولد بلوم، وهو أحد علماء التطور المشهورين:


"إن التكوين العفوي لبوليببتيد (polypeptide) في حجم أصغر البروتينات المعروفة أمرٌ يفوق كل الاحتمالات"[16]






يقول عالم الجيولوجيا الأمريكي وليم ستوكس، في كتابه "أساسيات تاريخ الأرض" (Essentials of Earth History):


"إن هذه الصدفة من الصغر بمكان، بحيث لا يمكن أن تتكون البروتينات خلال بلايين السنين وعلى بلايين الكواكب التي يكسو كلاً منها غطاء من المحلول المائي المركّز الذي يحتوي على الأحماض الأمينية الضرورية"[17]






ويقول بيري ويفر، أستاذ الكيمياء:


"عندما يدرس المرء الأعداد الضخمة للتركيبات المحتمَلة التي يمكن أن تنتج عن اتحاد عشوائي بسيط بين الأحماض الأمينية الموجودة في بركة بدائية متبخِّرة، يتردد العقل في تصديق من يزعم أن الحياة كان من الممكن أن تبدأ بهذه الطريقة.. ومن المستساغ أكثر أن القيام بمثل هذه المهمة يتطلب بانياً عظيماً لديه خطة بارعة"[18]






وفي الموسوعة البريطانية العلمية (Brittanica Science Encyclopedia)، ذلك المرجع الذي يدافع عن التطور بقوة وصراحة، تم تقديم أدلة على أن الأحماض الأمينية لجميع الكائنات الحية على الأرض ووحدات بناء البوليمارات (polymers) المعقدة مثل البروتينات تتسم بنفس اللاتماثل الأعسر.. وتضيف الموسوعة أن هذا الأمر يشبه قذف عملة في الهواء مليون مرة والحصول دائماً على وجه العملة نفسه!.. وقد ذُكر في نفس الموسوعة أنه من غير الممكن أن يفهم المرء لماذا تصبح الجزيئات عسراء أو يمناء، وأن هذا الاختيار له علاقة ساحرة بأصل الحياة على الأرض[19].






يقول كيفن ماكّين في مقالة نشرت في مجلة الاكتشاف Discover:


"قام ميلر ويوري بمحاكاة الجو القديم للأرض بخليط من غازي الميثان والأمونيا.. وحسبما ورد عنهما، فقد كانت الأرض بحق خليطاً متجانساً من المعدن والصخر والجليد.. ولكننا نفهم من أحدث الدراسات أن جو الأرض كان حاراً جداً في تلك الأزمنة، وأنها كانت تتكون من النيكل والحديد المذاب، وبالتالي كان يجب أن يتكون الجو الكيمائي لتلك الفترة في معظمه من النيتروجين وثاني أكسيد الكربون وبخار الماء.. ولا تعد هذه الغازات غازات مناسبة مثل الميثان والأمونيا لإنتاج جزيئات عضوية"[20].


وقد قام عالمان أمريكيان (هما فيريش وتشين) بتكرار تجربة ميلر في بيئة جوية تحتوي على ثاني أكسيد الكربون والهيدروجين والنيتروجين وبخار الماء، ولكنهما لم يتمكنا من الحصول ولو على جزيء واحد من الحمض الأميني[21].






في عدد فبراير 1998 من مجلة الأرض EARTH المعروفة بمناصرتها لنظرية التطور، ظهرت التصريحات التالية في مقالة بعنوان بوتقة الحياة:


"يعتقد الجيولوجيون الآن أن الجو البدائي قد تكوّن في معظمه من ثاني أكسيد الكربون والنيتروجين، وهما غازان أقل تفاعلاً من تلك الغازات التي استُخدمت في تجربة عام 1953.. وحتى إذا أمكن لجوّ (ميلر) أن يحدث، فكيف يتسنى لك أن تجعل جزيئات بسيطة مثل الأحماض الأمينية تمر بالتغيرات الكيميائية اللازمة التي ستحولها إلى مركّبات أكثر تعقيداً أو بوليمرات مثل البروتينات؟.. ميلر نفسه عجز عن حل ذلك الجزء من اللغز، وقد تنهد قائلاً بسخط: "إنها مشكلة"!.. كيف تصنع البوليمرات؟.. لا يتم هذا الأمر بكل هذه السهولة"[22]






وفي عدد مارس من مجلة "ناشيونال جيوغرافيك" نُشرت مقالة بعنوان "ظهور الحياة على الأرض"، كُتب فيها عن هذا الموضوع ما يلي:


"إن العديد من العلماء الآن يشكّون في أن الجو البدائي كان مختلفاً عمّا افترضه ميلر في البداية.. إنهم يعتقدون أنه كان متكوّنا من ثاني أكسيد الكربون والنيتروجين بدلاً من الهيدروجين والميثان والأمونيا.. وهذه أخبار سيئة للكيمائيين، فعندما يحاولون أن يشعلوا شرارة في ثاني أكسيد الكربون والنيتروجين، سيحصلون على كمية تافهة من الجزيئات العضوية تكافئ إذابة قطرة من ملوّن طعام في ماء بركة سباحة.. وهكذا يجد العلماء صعوبة في تخيل أن الحياة قد نشأت من مثل هذا الحساء المخفف"[23]


وباختصار، لا تستطيع تجربة ميلر ولا أية محاولة أخرى لدعاة التطور أن تجيب عن السؤال الخاص بكيفية ظهور الحياة على الأرض، إذ أن جميع البحوث التي أُجريت تبين استحالة ظهور الحياة بمحض الصدفة، ومن ثَمّ تؤكد على أن الحياة قد خُلقت.






ويقول السير فريد هويل،:


"لو فرضنا -جدلاً- أن هناك مبدأ أساسياً للمادة استطاع بطريقة ما أن يقود نظماً عضوية نحو الحياة، فيجب أن يكون من السهل إثبات وجوده في المختبر.. ويستطيع المرء -على سبيل المثال- أن يأخذ بركة السباحة كمثال على الخليط البدائي.. املأ البركة بأية كيماويات تشاء من تلك التي ليس لها طبيعة بيولوجية.. ضخ أية غازات فوقها أو خلالها (كما تشاء) ثم سلط عليها أي نوع من أنواع الإشعاع يستهويك.. دع التجربة تستمر لمدة سنة وراقب كم من تلك الإنزيمات البالغ عددها 2000 إنزيم (برويتنات تنتجها الخلايا الحية) ظهرت في البركة.. سأوافيك بالإجابة كي أوفّر عليك الزمن والمشقة والنفقات اللازمة للقيام بهذه التجربة في الواقع.. إنك لن تجد شيئاً أبداً، ربما باستثناء وحلٍ مقطرن مكون من أحماض أمينية وكيماويات عضوية بسيطة أخرى"[24]






ويعترف أندرو سكوت، عالم الأحياء المناصر للتطور، بنفس الحقيقة على النحو الآتي:


"خذ مادة ما، سخنها أثناء تحريكها وانتظر.. هذه هي النسخة الحديثة للنشوء.. ويفترض من القوى الأساسية للجاذبية والكهرطيسية والقوى النووية القوية والضعيفة أن تقوم بالباقي.. ولكن كم من هذه الحكاية المنسقة قد تم إثباته بحسم وكم منها يبقى تخميناً متفائلاً؟.. في الحقيقة، إن آلية كل خطوة مهمة تقريباً -من النذر الكيميائية إلى أول الخلايا التي يمكن التعرف عليها- هي موضوع قابل للجدل، أو موضوع محيّر تماماً"[25]






تقول المساعِدة المقربة لستانلي ميلر وفرانسيس كيريك والعاملة بجامعة سان دييغو بكاليفورنيا، داعية التطور ذائعة الصيت الدكتورة لزلي أورجل:


"إن من غير المحتمل إلى أقصى حد أن تكون البروتينات والأحماض النووية، التي تتسم كل منها بتركيب معقد، قد نشأت تلقائياً في نفس المكان وفي نفس الوقت، كما يبدو من المستحيل أيضاً أن يوجد أحدهما دون الآخر.. وعلى ذلك، قد يضطر المرء لأول وهلة أن يستنتج أن الحياة ما كان يمكن أن تكون قد نشأت -في الحقيقة- بوسائل كيميائية"[26]






ويقر علماء آخرون بنفس هذه الحقيقة أيضاً:


"لا يستطيع الحمض النووي الصبغي أن يؤدي عمله، بما في ذلك تكوين مزيد من الأحماض النووية الصبغية، دون مساعدة بروتينات أو إنزيمات محفزة.. وباختصار، لا يمكن أن تتكون البروتينات بدون حمض نووي صبغي، ولكن الحمض النووي الصبغي لا يمكن أن يتكون بدون بروتينات!"[27]






يقول هارولد يوري، الذي قام بتنظيم تجربة ميلر مع تلميذه ستانلي ميلر:


"يكتشف كل من يقوم منا بدراسة أصل الحياة بأنه كلما أمعنا النظر في هذا الموضوع، شعرنا بأنه أعقد من أن يتطور في أي مكان.. وكلنا نسلم، كقضية عقائدية، بأن الحياة قد تطورت من المادة الميتة في هذا الكون، ولكن كل ما في الأمر أن تعقيدها من الضخامة بمكان بحيث يصعب علينا أن نتخيل وقوع الأمر بهذه الطريقة"[28]






وقد قام العالم الفرنسي بول أوجر بالتعبير عن استحالة تكوين الحمض النووي الصبغي والحمض النووي الريبي بتجمع النيوكليوتيدات بمحض الصدفة بالطريقة الآتية:


"علينا أن ندرك بوضوح تام، الفرق بين مرحلتين من مراحل التكوين العَرَضي للجزيئات المعقدة، مثل النيوكلوتيدات، نتيجة الأحداث الكيميائية.. وتتمثل هاتان المرحلتان في إنتاج النيوكلوتيدات الواحدة تلو الأخرى، وهذا أمر ممكن، وفي اتحاد هذه النيوكلوتيدات في تتابع خاص جداً، وهذا أمر مستحيل بالتأكيد"[29]






وحتى فرانسيس كريك، الذي آمن بنظرية التطور الجزيئي لسنين عدة، اعترف لنفسه بعد اكتشاف الحمض النووي الصبغي أن مثل هذا الجزيء المعقد لا يمكن تكوينه عفوياً بمحض الصدفة نتيجة لعملية تطورية:


"لا يستطيع الرجل الصادق المسلح بكل المعلومات المتوفرة لدينا الآن سوى أن يعلن -بطريقة ما- أن ظهور أصل الحياة في الوقت الحاضر يكاد يكون معجزة"[30]






وقد اضطر العالم التركي التطوري علي ديميرسوي، أن يدلي بالاعتراف الآتي حول هذا الموضوع:


"في الحقيقة، تعتبر احتمالية تكوين بروتين وحمض نووي (الحمض النووي الصبغي والحمض النووي الريبي) احتمالية بعيدة جدا عن التحقق.. أما فرصة ظهور سلسلة بروتينية معينة فهي من الضآلة بمكان بحيث يمكن القول عنها إنها فلكية"[31]






ويعلق عالم الأحياء المجهرية الأمريكي جاكبسون على هذا الموضوع بقوله:


"إن التوجيهات اللازمة من أجل إعادة إنتاج الخطط، ومن أجل الطاقة ومن أجل استخراج الأجزاء من البيئة الحالية، ومن أجل تسلسل النمو، ومن أجل آلية الاستجابة التي تترجم الأوامر إلى نمو.. كان لا بد من وجودها جميعاً في نفس الوقت في تلك اللحظة (أي عندما بدأت الحياة).. وقد بدا هذا الاتحاد بين الأحداث غير محتمَل بدرجة لا تصدَّق، وكثيراً ما كان يُعزى إلى تدخل إلهي"[32]






وقد شرح عالمان ألمانيان، وهما جونكر وشيرر، أن تصنيع كل جزيء من الجزيئات المطلوبة من أجل التطور الكيميائي يتطلب ظروفاً متميزة، وأن الاحتمالية النظرية لتركيب هذه المواد التي يتم الحصول عليها بأساليب مختلفة جداً تساوي صفراً:


"لا توجد -حتى الآن- أية تجربة نستطيع من خلالها الحصول على جميع الجزيئات الضرورية للتطور الكيميائي.. لذا، من الضروري أن يتم إنتاج جزيئات متنوعة في أماكن مختلفة في ظروف ملائمة جداً، ثم يتم حملها إلى مكان آخر من أجل التفاعل، مع حمايتها من العناصر الضارة مثل الانحلال المائي والتحلل الضوئي"[33]






وقد تعرض لهذا الموضوع عالم الأحياء الأسترالي الشهير، مايكل دنتون، في كتابه الذي يحمل عنوان: "التطور: نظرية في أزمة" (Evolution: A Theory in Crisis) بقوله:


"بالنسبة للشخص المتشكك، فإن الفكرة القائلة بأن البرامج الجينية للكائنات الحية العليا (المكوَّنة من ما يقرب من ألف مليون معلومة، والمكافئة لتتابع حروف ألف مجلد في مكتبة صغيرة، والمتضمَّنة في شكلٍ مشفَّر مكون من آلاف مؤلفة من الرموز التلغرافية المعقدة التي توجه وتحدد وتأمر بالنمو، وكذلك بتكون بلايين وبلايين من الخلايا في شكل كائن حي معقد)، القول بأن هذه البرامج الجينية قد تكونت بعملية عشوائية بحتة تعد إساءة للعقل.. ولكن بالنسبة للدارونيين، تعتبر هذه الفكرة مقبولة دون أية ذرة من شك!"[34]






ويقرّ عالم الأحياء الداعي للتطور، جون هورغان، باستحالة تكو ن الحمض النووي الريبي بالمصادفة كما يأتي:


"كلما استمر الباحثون في دراسة مبدأ عالَم الحمض النووي الريبي دراسة دقيقة ستظهر العديد من الأسئلة: كيف نشأ الحمض النووي الريبي في البداية؟.. فمن الصعب تكوين الحمض النووي الريبي ومركباته في المختبر في أفضل الظروف، فكيف -إذن- تمّ ذلك في ظروف معقولة؟"[35]






عالِمَي الميكروبات الداعييَن للتطور، جيرالد جويچ وليزلي أورغال، يعبّران عن يأسهما من هذا الموضوع في كتابهما الذي يحمل عنوان: "في عالَم الحمض النووي الريبي" (In the RNA World):


"إن النقاس متركز في نقطة لا يمكن الخروج منها أبدا...إنه حول ظهور RNA السحري الذي يستطيع استنساخ نفسه.. ظهوره من وسط حساء من البوليتيكلوتيد المعقد جدا.. وهذا الأمر ليس ضد علم الكيمياء فقط، بل يهدم أيضا فكرتنا المتفائلة من أن RNA جزيئة تستطيع استنساخ نفسها بنفسها"[36]






وحتى جاك مونود، الحائز على جائزة نوبل والذي يعد من أكثر المدافعين عن التطور تعصباً، يوضح أن تصنيع البروتين لا يمكن بأي حال الاستخفاف به إلى حد افتراض اعتماده فقط على المعلومات الموجودة داخل الأحماض النووية، فهو يقول:


"تفقد الشفرة (الموجودة في DNA وفي RNA) معناها إذا لم تتم ترجمتها.. وتتكون آلية الترجمة المعاصرة الخاصة بالخلية من عدد لا يقل عن خمسين مركباً كبير الجزيئات يتم تشفيره –بدوره - في الحمض النووي الصبغي (DNA)، إذ لا يمكن ترجمة الشفرة ونقلها بدون هذه المركبات.. ولكن متى وكيف أُقفلت هذه الدائرة المفرغة؟.. من الصعب جدا مجرد تخيل ذلك"[37]






ووصفت أورغل نوعية السمات التي كان على هذا الحمض أن يتميز بها ومدى استحالة حدوث ذلك، في مقالها الذي يحمل عنوان: أصل الحياة (The Origin of Life) المنشور في مجلة العالِم الأمريكي (American Scientist) في تشرين الأول (أكتوبر) عام 1994:


"لقد أشرنا ـ من قبل ـ إلى أن هذا السيناريو كان يمكن حدوثه لو توفر للحمض النووي الريبي الذي سبق ظهور الحياة العضوية خاصتان مجهولتان اليوم هما: المقدرة على التكرار بدون مساعدة البروتينات، والمقدرة على تحفيز كل خطوة من خطوات عملية تركيب البروتين وتكوينه"[38]






ويصف تشاندرا كراماسنغي الحقيقة التي واجهها طول حياته بأن الحياة قد ظهرت نتيجة مصادفات عرَضَية بقوله:


"منذ بداية تدريبي كعالم، تعرض دماغي لعملية غسيل هائلة كي أعتقدَ أن العلوم لا يمكن أن تتوافق مع أي نوع من أنواع الخلق المقصود، وكان من الضروري أن تُجتثّ هذه الفكرة على نحو أليم.. وفي هذه اللحظة، لا أستطيع أن أجد أية حجة عقلانية تستطيع الوقوف أمام وجهة النظر المؤمنة بالله.. لقد اعتدنا أن يكون عقلنا متفتحاً، والآن ندرك أن الإجابة المنطقية الوحيدة للحياة هي الخلق، وليس الخلط العشوائي غير المقصود"[39]






يقول العالم رَس:


"إن المراحل المعقدة، التي تمر بها الحياة في تطورها تُظهر تناقضات هائلة مع ما تتجه إليه افتراضات القانون الثاني من قوانين الديناميكا الحرارية.. فبينما يقر هذا القانون بأن هناك اتجاهاً دائماً وغير عكسي نحو الخلل والاضطراب، تفترض نظرية التطور أن الحياة تتخذ أشكالاً أرقى وأكثر تنظيماً باستمرار وبمرور الوقت"[40]






وعن المأزق الحرج الذي وقعت فيه نظرية التطور بسبب قوانين الديناميكا الحرارية، يقول عالم آخر من المؤمنين بهذه النظرية، وهو روجر ليوين، في إحدى المقالات بمجلة العلم (Science):


"تتمثل إحدى المشكلات التي واجهها علماء الأحياء في التناقض الصريح بين نظرية التطور والقانون الثاني من قوانين الديناميكا الحرارية، ذلك أن النظم -سواء الحية أو غير الحية- يجب أن تبلى بمرور الوقت لتصبح أقل تعقيداً وانتظاماً، وليس العكس كما تزعم نظرية التطور"[41]






ويقر عالم آخر من المؤمنين بالتطور، وهو جورج سترافروبولوس، في إحدى المقالات المنشورة بمجلة (American Scientist) المعروفة جيداً بمناصرتها لنظرية التطور:


"في ظل الظروف الطبيعية، لا يمكن أن يتكون أي جزيء عضوي معقد التركيب تلقائياً، بل إنه يجب أن يتحلل طبقاً للقانون الثاني من قوانين الديناميكا الحرارية.. وفي الواقع، فإنه كلما زاد تعقيد تركيب الخلية الحية أصبحت أقل ميلاً للاستقرار على حالها، وبالتالي يصبح من المؤكد -إن عاجلاً أو آجلاً- أن تؤول إلى التحلل والتلاشي.. إن عملية التمثيل الضوئي- وهى شكل من أشكال الحياة- والعمليات الحيوية الأخرى، بل والحياة ذاتها، لا يمكن فهمها وتفسيرها على ضوء معطيات القانون الثاني من قوانين الديناميكا الحرارية أو أي فرع آخر من العلوم، على الرغم من المحاولات الخاطئة - المتعمَّدة أو غير المتعمَّدة- لتفسيرها بالفعل"[42]






وعلى حد تعبير أحد علماء نظرية التطور - وهو جيرمي رِفكين- فإن هذه النظرية تتغلب على قانون الإنتروبيا بفعل قوة سحرية:


"يقول قانون الإنتروبيا إن التطور يستهلك ويبدد الطاقة الكلية في سبيل الحياة على هذا الكوكب.. أما مفهومنا عن التطور فهو على العكس من ذلك تماماً، فنحن نرى أن عملية التطور تولّد طاقة أعظم وتزيد من درجة النظام على الأرض بطريقة سحرية ما!"[43]






ويقول بريغوجين:


"إن مشكلة الترتيب الحيوى تتضمن الانتقال من نشاط الجزيء ذاته إلى ترتيب أرقى منه، وهو ترتيب الخلية.. وهذه المشكلة هي أبعد ما تكون عن حلها بهذه الفروض"[44]






وقد فسر البروفسور روبرت شابريو، الأستاذ بجامعة نيويورك والخبير فى خبايا الأحماض النووية، اعتقادات أنصار نظرية التطور وإيمانهم بالماديات الكامن خلف هذه الاعتقادات بقوله:


"يلزم التوصل إلى مبدأ آخر من مبادئ التطور ليعبر بنا الفجوة الواقعة في المسافة بين اختلاط المواد الكيميائية الطبيعية وأُولى عمليات التكرار الفعالة.. وهذا المبدأ لم يوصَف تفصيلاً بعدُ كما لم يتم إثباته، إلا أنه من المنتظر حدوث ذلك، حتى إنه قد أًعطِيَ مسميات مثل التطور الكيميائى والتنظيم الذاتى للمادة.. إن وجود هذا المبدأ أمر مسلم به في الفلسفة المادية الجدلية، كما طبقها ألكساندر أوبرين على أصل الحياة"[45]






ويقول عالم الحيوان الفرنسي الشهير بيير غراسيه، الرئيس الأسبق لأكاديمية العلوم الفرنسية ـ بالرغم من كون غراسيه ماديّا:


"إن الاعتقاد بظهور طفرات في الوقت المناسب لتوفير ما يحتاج إليه الحيوان والنبات، هو من الصعوبة بمكان.. غير أن الدارونية تذهب إلى أبعد من ذلك: لا بد أن يتعرض نبات أو حيوان ما إلى آلاف وآلاف من الطفرات المفيدة حتى يكتمل.. أي لا بد أن تصير المعجزات أحداثاً عادية جدا، وأن تقع أحداث هي أبعد ما تكون عن الحدوث، فلا قانون يمنع التخيل، ولكن يجب ألاّ يتورط العلم في هذا"[46]

No comments:

Post a Comment